جبل العامري بقلم ندى حسن

موقع أيام نيوز

أيضا عندما أعاد السجادة إلى موضعها ليتركها في ديجور الألم وحدها 
يتبع
سجينة جبل العامري
الفصل الثامن عشر
ندا حسن
دعني أخبرك عن قصة رجل!
جلست زينة على الأرضية المليئة بالأتربة في كل مكان لم تقوى قدميها على حملها أكثر من ذلك وهي تقف ترفع رأسها إلى الأعلى تنظر إلى ذلك الباب الخشبي الذي خرج منه ولم يعد إليها تاركا إياها في ظلام دامس عتمة قلبها مع عتمة المكان من حولها بجعلها ترتعب أكثر وهي تستمع إلى صرخات أصواتهم الخشنة في الخارج مع إطلاق النيران 
تنهمر الدمعات من عينيها بغزارة دون توقف وحركاتها اللاإرادة تعبر عن ذلك القهر القابع داخلها لا يريد النزوح أبدا وتركها ولو قليلا 
شهقات متتالية تخرج منها وعينيها السوداء متعلقة بالباب وتلك النظرة التي ألقاها عليها لا تفارق ذهنها مع صوته الشغوف واعترافه بالحب وأن تسامحه على ما بدر منه 
أتدري ما يحدث للوردة عندما تبدأ بالتفتح والخروج إلى عبير الدنيا تحلق عليها الفراشات لرائحتها الفواحة ومظهرها الجميل ثم يأتي طفل صغير دفعه هوسه بحب الورد ليقطفها من غصنها فتذهب رائحتها وتفقد جمالها ټموت بين يديه ذابلة وكأنها أبشع ما في الدنيا!
أمسكت الهاتف بين يديها مرت ساعة كاملة والطلقات لم تتوقف أصواتهم الصاړخة ټضرب أذنيها بقوة فيزداد بكائها وشهقاتها تتعالى يزداد خفقان قلبها خوفا عليه! 
خوفا عليه توقفت الكلمات على باب عقلها فأكملت نعم إنه والد ابنتها ذلك الذي عوضها عن حرمانها من حنان الأب الذي جعلها تبتسم كلما رأته تركض نحوه تتعلق به ولم تشعر أنه شقيق والدها وأيضا هو زوجها زوجها الذي بدأ قلبها بالخفقان له رغم كل ما فعله وما يفعله 
القهر والألم ممزوجان داخل قلبها لا يترك أحد منهم الآخر تشعر به يعتصر من الألم ينطبق صدرها عليه ساحقة أكثر 
استمعت إلى صوت شقيقتها الذي كان يراودها كل لحظة والأخرى استدارت تنظر إليها وجدتها تحتضن وعد النائمة وتبكي بغزارة محاولة كتمان شهقاتها وألم قلبها في فراقه لقد فارقته دون النظر إليه والحديث معه لقد قست عليه كثيرا
وقفت زينة على قدميها وذهبت لتجلس جوارها تحتضن إياها تشعر أنها أخطأت عندما منعتها عنه أنه الحب وذلك اللعېن ليس عليه سلطان لا يستمع لأحد إلا نفسه يأتي دون إنذار ويذهب دون إنذار 
احتضنتها بقوة مستشعرة كم الألم الذي يداهمها إن لم يكن أضعاف ألمها فهو اعترف لها وهي اعترفت له ولم ينشب بينهم عراك حاد يوما ولم يعتدي عليها بقوته لم ېقتلها بكلماته كما فعل معها تستطيع أن تدرك أن ألم شقيقتها أكبر منها ولكن أيضا ألمها لا يضاهي شيء 
كان في الأعلى جبل و عاصم مع الحراس يحاولون السيطرة عليهم بكل قوتهم هؤلاء الذين ولجوا إلى الجزيرة كانوا كثيرون للغاية غدروا بالحراس القليلة الذين كانوا واقفون على مداخلها 
تبادلون طلقات النيران لوقت كبير وكل لحظة والأخرى تفرغ خزينة السلاح ليقوم بتعبئتها مرة أخرى 
حرب دامية بطلقات النيران استمعت إليها الجزيرة بأكلمها من الشمال إلى الجنوب رأى جلال و طاهر من يقودون رجالهم نحو القصر إلى أن دلفوا إليه 
شعر بأن النهاية تقترب بعدما وقع من رجالة أكثر من خمسة ولم يبقى الكثير إلى

درجة الصمود هوى قلبه بين قدميه خوفا على عائلته إن رحل وتركهم ولكنهم يعلمون جيدا ما الذي سيقومون بفعله إلى أن تنتهي هذه الحړب متخفين في مكان مستحيل أن يمر به أحد سوى عاصم 
اهتزت روحه وهو يتذكر تلك التي وقع بحبها ولم ينل منه شيء ولم يستطع عيش النعيم جوارها يكافىء نفسه بعد سنوات العڈاب وسنوات الضياع الذي أوقع ذاته بها 
شعوره نحوها في تلك اللحظات كان قاټل والله قاټل وهو بين الحړب التي ربما تأخذه في أي لحظة ولكن قلبه يتوق اشتياقا لها يود أن تأخذه بأحضانها تربت على قلبه ليشعر بأن الخير قادم يود لو ينام على ركبتها فتضع يدها تخلل خصلات شعره لتسري القشعريرة بجسده وهو ينعم باللذة من هذا الشعور المغري 
زينة والله وأنت زينة تمنى رافعا رأسه للسماء أمام بوابة القصر متخفي خلف أحد الأعمدة يغمض عينيه لا يستطيع المقاومة أكثر يشعر بأنه يرتخي والھجوم يزداد عليه يهتف داخل نفسه متمينا أن لا تنساه أن تحيي ذكراه وتردد داخلها أنها كانت بالنسبة إليه غزال 
إلى هذه الدرجة أحبها! بل عشقها ولم يدري بذلك ويعترف به إلى نفسه إلا بعد فوات الأوان 
وجد جبل الطلقات تزداد للغاية وليس رجالة الذين يقعون على الأرض چثث هامدة بل رجال طاهر فنظر إلى عاصم باستغراب ليستمع إلى أصوات أهل الجزيرة الهاتفه بشراسة وعڼف يتقدمون منهم بالسلاح يأتون من الخارج فكان من السهل عليهم هم أن يهزموهم 
استمد جبل قوته وعاد يحمد ربه وهو يقف شامخا يركض بينهم بقوة يطلق النيران و عاصم خلفه يحميه كالعادة بينهم
وقف كل منهما في ناحية يحاولون مجابهة الأمر بعدما أصبح أسهل من السابق بكثير
نظر جبل إلى يمينه ليجد طاهر يقف متخفي ينظر إليه شامتا موجها السلاح نحو عاصم فدفع به للخلف صارخا وهو يطلق النيران عليه بعشوائية 
دفع جبل عاصم واحتل مكانه ليتقابل مع طاهر ولكنه أطلق رصاصة خرجت من سلاحھ لتصيب جسد جبل فصړخ عاصم بإسمه عاليا وهو يميل عليه يسنده رافعا السلاح نحو طاهر لتنطلق من فوهة السلاح رصاصة تصيبه لېصرخ عاليا كانت خرجت بحړقة من سلاح عاصم المذعور على صديقه الذي وقع بين يديه 
مر الوقت عليهم وهم على نفس الوضع لم يغفل لهم جفن ولم ولم يتوقف انهمار العبرات منهما مع ذلك الارتجاف الذي أصابهما ليحتل كيان كل منها والحزن يتغلغل أكثر ليعبر الروح دافعا بها سهم الرماية الملطخ بالسم القاټل فتتهاوى أرضا ميقنه أن ما بعد النهاية آتي والفراق كتب والاشتياق سيكون إلى الأبد 
توقف إطلاق الڼار منذ فترة وأصبح الصباح لتنظر إلى ساعة الهاتف وقفت على قدميها واقتربت من الدرج تصعد عليه بتأني أنفاسها غير منتظمة تشعر بالمۏت القريب لها هي أيضا 
عينيها منتفخة وأنفها أحمر للغاية وجهها باهت وملامحها مرهقة وقفت أعلى الدرج محاولة أن تستمع إلى أي أصوات بالخارج ولكن لا فائدة عادت إليها زافرة پقهر وهي تبكي وتنتحب لتساندها شقيقتها بقوة يعلو صوتها تود الصړاخ
لكن زينة لم تترك لها العنان لفعل ذلك بل أشارت لها بالصمت خوفا من أن يكون أحد من هؤلاء المجرمين بالأعلى يستمع إلى صوتهم 
كتمت صوتها وهي تبكي تشوب عينيها الخيوط الحمراء التي تجعل مظهرها يبدو خاضع لإذلال لا مثيل له 
استفاقت الصغيرة على صوت بكائهما فنظرت إليهما باستغراب طمست زينة على وجهها لتمحي عبراتها محاولة الثبات تقف على قدميها لأجل من معها ففعلت إسراء المثل وهي تقف غير قادرة على الصمود أكثر ولكنها تضغط على نفسها بقوة 
توجهت نحو الباب تفتحه تتناثر الأتربة من عليه يبدو أنه مغلق منذ مدة كمثل هذه الغرفة فتح الباب بسهولة فنفضت يدها ببعضها وعادت للداخل ترفع الحقيبة مرتدية إياها على ظهرها تتمسك بالسلاح بيدها ثم سارت في الأمام تعود إلى الباب لتخرج منه قائلة بصوت مبحوح وعينان دامعة
امسكي وعد وخليكم ورايا
أومأت إليها شقيقتها التي تمسكت بيد الصغيرة بقوة وكأن هناك من يراقبهم ليأخذها من بينهم استدارت زينة ترفع بصرها إلى سقف الغرفة تنظر إلى الباب الخشبي على أمل أن يفتح ويعود إليها يجذبها مرة أخرى في عناق حاد كالذي قبله ولكنه يبدو كان عناق الوداع 
تحركت أمامهم تخرج من الباب وهم خلفها تشعل ضوء هاتفها تسير في الممر المظلم حتى تخرج من هنا إلى الغابة ثم إلى خارج الجزيرة 
سارت قليلا ولم تتوقف عباراتها عن الخروج من مقلتيها ترفع السلاح بيدها تنظر إلى السرداب الذي تسير به معبأ بالأتربة وخيوط العنكبوت واقتربت فتحته لتخرج منه إلى أرض الغابة وهي تودع حياتها هنا 
تنفست الصعداء محاولة التماسك داعمة قلبها بذكرى واحدة فريدة بعقلها فلسوء حظها كالعادة لم تستطع أن تجمع الذكريات الجميلة معه 
ولكن هل هناك فرصة! ثبتت أقدامها في مكانها فجأة وتصلب جسدها بتشنج ولم تحرك بها إلا أهدابها بعدما استمعت إلى اسمها يخرج بذلك الصوت الخشن الذي تعرفه جيدا
استدارت

بلهفة وقلق تنظر إلى الخلف لترى شقيقتها تفعل المثل ولم يكن أمامهم سواه كان يقف على بعد منهم يلهث پعنف وكأنه كان يركض ليلحق بهم ټغرق الډماء ملابسه ولكنه يقف شامخ
تقدمت للأمام تتخطى ابنتها وشقيقتها وهي تنظر إليه بلهفة واشتياق وكأن روحها التي سلبت منها بالقوة تعود إليها من جديد
أ 
شدد بيده حولها يضع يده خلف رأسها بين خصلات شعرها يحركها عليها والأخرى تحيطها على الرغم من أنها مصاپة بفعل تلك الطلقة التي خرجت من سلاح طاهر إلا أنه لا يشعر پألم بل يشعر بلذة قربها منه وروعة استنشاق رائحتها 
ينعم بهذه اللحظة التي لم تمر عليه سابقا وهو يرى اللهفة ظاهرة في عينيها بوضوح والاشتياق تلقي باسهمه عليه وهي تركض نحوه تتلهف للاقتراب منه وإشباع قلبها من نعيم وجوده جوارها وذلك الأمان الذي فقدته عندما سلمها السلاح بيدها قائلا لها أن تعتمد على ذاتها إلى هذه الدرجة كان وجوده يشعرها بالدفء والأمان كان هو حاميها وسارقها! 
أيعقل! 
عادت للخلف تنظر إليه بابتسامة واسعة ومازالت الدموع ټغرق وجهها تسأله بنبرة خاڤتة
أنت كويس!
أومأ برأسه لها وهو يبادلها الابتسامة واضعا يده على ذراعها قائلا بحب
كويس يا حبيبتي
لا تدري أي شعور يجتاحها بعدما استمعت إلى تلك النبرة الحانية مع نظرة عينيه الغرامية عليها استمعت إلى صوت شقيقتها التي تقدمت منهم تسأله بتوتر وقلق
فين عاصم
ابتسم إليها هي الأخرى محاولا أن يجعلها تطمئن قائلا بصوت هادئ
موجود في القصر
هبط إلى الأسفل ينحني إلى الأمام يقبل وجنة الصغيرة بعدما أقتربت منه بحب فلم يستطع حملها بسبب ضيق المكان ابتسمت قائلة برقة وصوت هادئ
أنا مبسوطة أنك رجعت تاخدنا مكنتش عايزة أمشي
أجابها مبتسما بعد أن عانقها بحب وحنان
مش هسيبك تمشي
أشار إلى زينة بالعودة وأخذهم وعاد من جديد إلى نفس الغرفة الذي خرجوا منها ليجد عاصم يهبط الدرج متقدما منهم بعدما أعتقد أنهم رحلوا ولم يلحق بهم جبل 
وقف على الدرج ثابتا ينظر إلى حبيبة قلبه سکينة أعماق فؤاده التي غابت عنه لكثير من الوقت ولم يراها عن قرب إلا الآن عينيها يشوبها الحزن ونظرتها نحوه باهتة مرهقة ملامحها مټألمة خجلة ولكنها متلهفة عليه تنظر إليه بتعمق ثم ابتسمت بهدوء
تم نسخ الرابط