ادم
المحتويات
واقفة وقالت بسعادة
يا أهلا وسهلا آيات شخصيا عندنا
تها آيات قائله
وحشانى أخبارك ايه
قالت الفتاة
بخير الحمد لله .. اتأخرتى يعني مش عادتك
قالت آيات وهى تخرج سى دى من حقيبتها
معلش بس انشغلت شوية اليومين اللى فاتوا
قالت الفتاة مبتسمه وهى تأخذ منها السى دى
ولا يهمك يا قمر .. تسلم ايدك
قالت آيات وهى تهم بالمغادرة
قالت الفتاة بإستنكار
على طول كدة تعالى اشربي حاجة الأول
قالت آيات
معلش عشان مستعجلة المرة دى
ابتسمت الفتاة قائله
خلاص برحتك .. ربنا يجازيكي خير يا آيات ويجعله فى ميزان حسناتك
ابتسمت لها آيات ولوحت لها مودعة .. خرجت آيات من المبنى الذى تزوره كثيرا منذ أن التحقت بالجامعة .. حيث تعرفت فيها على احدى الفتيات المتطوعات بتلك الجمعية .. شجعت الفتاة آيات على التطوع فى قسم كتابة الكتب للمكفوفين .. فتشارك آيات فى كتابة الكتب الثقافية والعلمية والدينية على الكمبيوتر ويتم تحويلها بعد ذلك الى طريقة برايل لتمكين المكفوفين من قرائتها والإستفادة منها .. كانت آيات تشعر بسعادة بالغة وهى تقدم تلك المساعدة لأولئك الذى حرموا نعمة البصر .. كانت تجد سعادتها فى الشعور بأنها تقدم على عمل مفيد تنفع به غيرها .. وتستغل وقت فراغها فى هذا العمل المفيد .. ركبت آيات سيارتها وانطلقت فى طريقها
قال آدم هذه العبارة وهو واقف مع زياد فى شرفة بيت هذا الأول .. نظر زياد الى الأسفل يراقب الأطفال الذين يجرون خلف الكرة والابتسامه على قائلا
أيوة طبعا فاكر .. كانت أيام حلوة أوى
قال آدم وهى ينظر الى الأفق
كانت أيام بريئة أوى
الټفت زياد لينظر الى آدم .. يراقب تعبيرات الوجوم على وجهه .. فقال
قال آدم بتهكم دون أن ينظر اليه
ولا أنا عجبنى حالى
قال زياد بحنق
طيب ليه متغيرش حالك ده .. ليه سايب نفسك لليأس كده .. ليه متحاولش تقوم وتقف على رجليك من تانى
قال آدم بصرامة وهو يزم بقوة
لما أرجع حقى الأول
قال زياد بقلق
وهترجعه ازاى يعني
قال آدم بقسۏة وهو ينظر الى زياد
ثم قال بقسۏة شديدة
وساعتها يا ويله اللى يقع فى ايدى هاكله بسنانى
قال زياد وهو يزفر بضيق
شكل كده مفيش فايده من الكلام معاك .. اللى فى دماغك فى دماغك
قال آدم وهو يحاول تناسى الأمر
انت راجع شرم امتى
قال زياد
كمان اسبوع
أومأ آدم برأسه وعاد ينظر الى الأفق وزرقة عيناه تختلط بزرقة السماء .. أخذ يتذكر كم وقف فى تلك الشرفة يتطلع الى قرص الشمس الذهبي ويرسم بخياله أحلاما كبيرة .. أكبر من واقعه .. هكذا هو دائما .. يحب الشئ صعب المنال .. يعشق المستحيل .. متيم بالتحدى .. رغم بساطة عيشه والظروف التى تربى بها .. إلا أن أحلامه فاقت واقعه .. فصعد السلم خطوة بخطوة بعزيمة وصبر وإصرار .. حتى وصل .. وصل الى قمة النجاح .. وصل الى ما أراد .. وصل الى ما كان يراه مستحيلا .. أمسك بيده ما كان يراه صعب المنال .. فشعر بالزهو .. والفخر .. والسعادة .. لكن أحلامه تحطمت على صخرة الجشع وتهاوت أشلائها فى بئر الخيانه .. عندها بدأ يتعلم .. أن الحياة مثلما تعطى تأخذ .. ومثلما ترسم البسمة ترسم الدمعة .. لكنه لم يت ذلك .. لم يت الخسارة .. لم يت المكتوب .. أراد أن يحارب القدر .. وأن يثور عليه .. وأن ينزع رداء الرضا .. ويرتدى حلة الإنتقام .. لكنه لا يعلم أن الإنتقام سيف ذو حدين .. حتى وان انتصرت به وقټلت خصمك .. فستنظر الى يدك فى النهاية لتجد النصل الآخر مزق يدك بحدته .. وسالت منه دمائك .. لم يعلم .. لكنه سيعلم .. لكن السؤال الآن ..
قالت ايمان لأمها بتوتر
ماما أنا خاېفة
قالت أمها بحماس
متخفيش يا بت .. ان شاء الله هتعجبيه وهيكون من نصيبك
ثم قالت
ده بسم الله ما شاء الله عليه دكتور وعنده عيادة الله أكبر .. وأخوكى على بيشكر فيه أوى
ثم ترقرقت العبرات فى عينيها وقالت بطيبة الأمهات
نفسى أوى أفرح بيكي يا إيمان يا بنتى .. ده منى عيني من الدنيا دى أشوفك فى بيتك انتى و على أخوكى
يلا يا إيمان .. العريس بره
شعرت إيمان بتوتر بالغ وتضرجت وجنتاها بحمرة انتشرت فى وجهها كله حتى صار كحبة الطماطم .. قال على وهو يتفرس فيها
ايمان انتى حطه حاجة على وشك
قالت بسرعة
لا والله يا على
ابتسم قائلا
طيب يلا
خرجت إيمان وقدميها تصطكان ببعضهما البعض .. جلست على أقرب مقعد وهى لا تجرؤ على رفع وجهها .. كان العريس بمفرده .. جلست معه ومع والدها وأخوها على قرابة النصف ساعة .. لم تتحدث خلالها أى كلمة وهو لم يوجه أى حديث لها .. استأذن وطلب الإنصراف .. شعرت إيمان فى داخلها بالحنق والحيرة .. لماذا لم يوجه اليها أى حديث .. لماذا رحل سريعا .. بالتأكيد لم تعجبه .. ظلت تلك الأسئلة تدور برأسها .. سمعت والدها وهو يخبره بأن كلا الطرفين سينتظر ردا من الآخر يعد يومين .. دخلت غرفتها وأغلقت الباب وارتمت على ها تبكى قهرا .. كانت تشعر فى قرارة نفسها بأنها لم تعجبه .. وسينضم اسمه الى قائمة من رفضوها
دخلت سمر المطبخ لتسخن الطعام لنفسها .. أحضرت طبقها وجلست أمام التلفاز .. عادت أمها من الخارج قائله
السلام عليكم
التفتت سمر وردت السلام .. فقالت أمها وهى تلقى بنفسها على المقعد متهالكة
كان عندنا شغل كتير أوى النهاردة
قامت سمر وتركت طبقها على الطاولة وقالت بحنان
هقوم أسخنلك الأكل
ابتسمت أمها بوهن قائله
تسلمي يا حبيبتى
دخلت سمر المطبخ تسخن الطعام لوالدتها .. شردت وهى تتذكر لقطات من الماضى .. لقطات كانت تشعر فيها بالأمان وبالسعادة .. لقظات لرجل ذهب ولن يعود يوما .. ليس لأنه رحل عن الدنيا وفارق الحياة .. بل لأنه ببساطة .. لا يريد العودة .. لا يريد تحمل المسؤلية .. لا يريد أن يكون زوجا .. لا يريد أن يكون أبا .. وعلى الرغم من ذلك لا تستطيع أن تكرهه .. حاولت ان تكرهه وأن تنساه وأن تمحيه تماما من ذاكرتها .. لكن ذكراه أبت إلا أن تظهر أمام عينيها دائما .. لتذكرها بتخليه عنها وعن أمها .. لتذكرها بأنها فقدت درعها الحامى .. لتذكرها بأنها عاشت طوال عمرها محرومه من أب نسى معنى الأبوة .. خرجت من شرودها لتنظر الى الطعام الذى يغلى .. أحضرت لأمها طبقها وناولتها اياه .. ابتسمت أمها بوهن قائله
رجعتى امتى النهاردة من المستشفى
قالت سمر بلا مبالاة وهى تمد يدها لتأخذ طبقها الموضوع على الطاولة
زى كل يوم
قالت أمها وهى تبدأ فى تناول طعامها
مفيش جديد
هزت سمر رأيها نفيا وقالت بهدوء
لا .. مفيش جديد
تعالت أصوات أبواها بالشجار كما هي عادتهما .. وكعادتها هربت الى غرفتها وأغلقتها عليها وجلست على ها .. أحضرت أسماء هاتفها بسرعة وأدخلت سماعاته فى أذنها واختارت احدى أغنياتها المفضلة ورفعت صوتها الى أعلى درجة واستلقت على ها تستمع اليها وهى مغمضة العينين ..
شردت بخيالها وهى تحاول التذكر متى بدأت تلك الشجارات التى تتكرر ولا تنتهى أبدا .. لم تستطع أن تتذكر متى بدأت تلك الشجارات .. لكنها تتذكر أمرا واحدا .. وهو أنها لم ترى أبويها على وفاق إلا فيما ندر .. على الرغم من المستوى الإجتماعى الراقى لأبويها .. ومستوى المعيشة الذى تعيش فيه وتتنماه الكثيرات .. إلا أنها كانت تشعر بالغيرة .. بل والحسد .. من الفتيات اللاتى يعشن بين أبوين يعرف كل منهما كيف يحترم الآخر .. ربما لهذا توطدت صداقتها ب آيات واستمرت لأعوام على عكس علاقاتها السابقة والتى كانت تنتهى بسهولة بعدما تستشعر أسماء الشعور بالنقص الذى تشعر به فى تلك النقطة .. أما آيات فوالدتها مټوفية .. ووالدها يعيش وحيدا معها .. فلم تشعر معها بمدى نقصها .. لأن آيات تعانى نقصا هى الأخرى .. انتهت الاغنية لتعلم بأن الشجار مازال قائما ولم ينتهى .. أعادت تشغيلها مرة أخرى .. وهى تغمض عينيها فى ألم
جلست ساندى أمام والدها على المكتب قائله بعصبية
لازم تشوفلك حل معاه يا بابا .. أحرجنى أدام الدفعة كلها وكمان قالى متحضريش محاضراتى طول السنة وخصم درجات الحضور
ثم قالت بضيق شديد
فى داهية درجات الحضور المهم عندى شكلى أدام الدفعة .. لازم يردلى اعتبارى ويسمحلى أحضر محاضراته
ثم هتفت پغضب
لازم يا بابا تتكلم معاه وتخليه يرجع عن قراره ده .. عايزه من المحاضرة الجاية أدخل أدام الدفعة كلها وأعد وأنا حطه رجل على رجل
قام والدها والتف حول المكتب ووربت على وجنتها قائلا
متقلقيش يا ساندى .. أنا هروحله بكره الجامعة وأحل المشكلة دى
ابتسمت ساندى فى فرح قائله
ميرسي يا بابا
ابتسم لها قائلا
شيليى الموضوع من دماغك خالص ومتشيليش هم .. وفكرى بس فى حفلة عيد ميلادك
قالت ساندى فى مرح
أوكى
خرجت ساندى من شركة والدها وهى تقول لنفسها فى تحدى
اما أشوف أنا ولا انت يا دكتور آدم
سمع آدم طرقات على باب مكتبه بالكلية فأذن بالدخول .. دخل شكرى والد ساندى وقدم نفسه الى آدم الذى تظاهر بأنه لم يسمع اسمه من .. فذكره قائلا
أنا والد ساندى
قال آدم وهو يتظاهر بالحيرة
ساندى !
قال شكرى
أيوة .. البنت اللى حضرتك طردتها من المدرج فى محاضرتك اللى فاتت
قال آدم بخبث
أيوة أيوة افتكرت .. اتفضل
جلس شكرى أمام آدم الذى طلب له فنجانا من القهوة .. تنحنح شكرى قائلا وهو يضع ساقا فوق ساق
بنتى ساندى مكنتش تقصد الكلمه اللى قالتها .. طبعا حضرتك يا دكتور تقدر تمنعها من حضور محاضراتك زى ما انت عايز
قال آدم وهو يستند الى ظهر المقعد ويضع ساقا فوق ساق
أيوة وده اللى عملته فعلا
تنحنح شكرى مرة أخرى وقد بدا عليه ثقل المهمة الملقاه على عتقه .. فلم يعتد أن يطلب من أحد أى شئ .. فهو معتاد فقط على القاء الأوامر .. قال بنبره فيها شئ من التعالى
ياريت يا دكتور تسمحلها ترجع تانى تحضر محاضراتك .. لان اللى حصل ده خلى شكلها وحش أدام زمايلها
تظاهر آدم بأنه يفكر فى الطلب .. ثم قال بلهجة متعاليه
مفيش مشكلة .. بس تعتذرلى عن اسلوبها معايا .. وساعتها هوافق انها ترجع تحضر محاضراتى
ابتسم شكرى وقال
مفيش مشكلة .. وحضرتك معزوم على عيد ميلاد ساندى آخر الإسبوع ..
متابعة القراءة