ادم
المحتويات
.. والآن ! .. هاتف كريم ليخبره بأمر سفره .. كانت آيات الى جوار كريم فى المكتب فاستمعت الى كريم وهو يقول
تيجي بالسلامة يا دكتور
سألت كريم وهى تتظاهر بالإنهماك فى تفحص الأوراق فى يدها
خير .. فى حاجة تخص القرية
قال كريم وهو يعاود عمله
لا دكتور آدم مسافر القاهرة فبيعتذر انه مش هيقدر ييجى النهاردة
وقفت تنظر اليه .. وهو منهمك فى ازاحة بعض ألواح الخشب المبعثرة وجمعها معا فى مكان واحد .. اقتربت منه .. قالت بجمود
ممكن أسألك عن حاجة
تمتم بهدوء
اتفضلى
بلعت أسماء ريقها وهى تقول
لو انا استغفرت ربنا على الحاجات اللى أنا كنت بعملها غلط ومكنتش أعرف انها غلط .. ربنا هيسامحنى
طبعا طالما توبتى من قلبك
أومأت برأسها ثم قالت
وممكن الناس اللى حوليا تسامحنى .. ولا هيفضلوا فاكرين الحاجات الغلط اللى كنت بعملها
صمت وقد ضاقت عيناه .. ألقى على وجهها نظرة يحاول فيها تبين مقصدها من السؤال .. لم تقابله الا ملامحها الجامدة الخالية من أى انفعال .. تنظر الى عينيه مباشرة .. تبغى اجابه لسؤالها .. قال بحيرة
قالت بخفوت
لأ مقصدش صحابى
رفع عينيه مرة أخرى بدهشة .. هذه المرة لمح نظرة حزينه فى عينيها سرعان ما أخفتها قائله بصوت حاولت أن يبدو باردا خالى من أى انفعال
صحيح نسيت أباركلك على كتب كتاب أختك .. مبروك لأختك .. وعقبالك انت و سمر
نظر اليها على قائلا بإهتمام
هى أسماء عرفت منين انى كنت متقدم ل سمر .. انتى اللى قولتيلها ولا سمر
تحولت نظراتها الى الدهشة وهى تقول
انت ازاى عرفت ان أسماء عرفت بموضوع سمر .. انتوا بتتكلموا مع بعض فى مواضيع خاصة يا على
زفر على وقال بنفاذ صبر
سألتك يا إيمان سؤال جاوبيني عليه
لم يجيبها .. بل سألها بإهتمام
سمر كانت بتقولك ايه بالظبط .. يعني ايه اللى جاب سيرة الموضوع
مفيش الموضوع اتفتح فجأة وكل اللى قالته سمر انها محتارة .. صلت استخارة بس مش عارفه تاخد قرار
أومأ على برأسها وصمت لبرهه .. ثم قال
و أسماء .. كان رد فعلها ايه لما عرفت
ازدادت نظرات إيمان حدة وهى تقول
على فى ايه بالظبط .. حرام عليك لو كنت بتعشمها بحاجة .. البنت أصلا فيها اللى مكفيها مهياش ناقصة
نظر اليها على وهو يعقد جبينه فى استغراب قائلا
يعني ايه فيها اللى مكفيها .. انتى تعرفى عنها ايه بالظبط
أعرف ان مامتها وباباها على طول بينهم مشاكل جامدة .. وانها بنت وحيدة .. وان فى الآخر باباها طرد مامتها من البيت واتجوز واحدة تانية .. وطردها هى كمان .. وراحت عاشت مع مامتها فى بيت جدها .. بس سابت البيت معرفش ليه وراحت عاشت مع آيات
شرد على فى كلام إيمان عن أسماء فقاطعت إيمان تفكيره وهى تقول بحزن
على ابعد عنها أحسن ..متخليهاش تتعلق بيك أكتر من كده
نظر اليها على بدهشة قائلا
يعني ايه مخليهاش تتعلق بيا أكتر من كده .. مين قال انها متعلقة بيا أصلا
هتفت إيمان پحده
أنا سمعتها وهى بتتكلم مع آيات عنك .. متعشمهاش بحاجة يا على والله البنت فعلا مش متحمله صدمة
ضاقت عيناه وهو ينظر اليها قائلا
سمعتيها بتقول ايه عنى
بدا على إيمان التردد لكنها حسمت أمرها وقالت
سمعتها بتقول انها .. بتحبك
تجمدت نظرات على على إيمان وهو يحاول استيعاب هذ التصريح .. أكملت إيمان
أنا قولتلك عشان تبقى عارف وتاخد بالك من تصرفاتك معاها عشان متفهمكش غلط وتعشم نفسها على الفاضى
ثم لاحت سحابة حزن فى عينيها وهى تقول
الإحساس ده وحش أوى .. لما تتعشم بحاجة وتلاقيها ضاعت منك .. عشان كده مش عايزاك تكون السبب فى ان أسماء تحسه .. هى رغم انها عنيدة .. بس طيبة وغلبانه أوى .. ومش عايزاها تتجرح
أومأ على برأسه وهو يشعر بضيق شديد .. ثم غادر واجما دون أن ينطق ببنت شفه !
شعرت بوسى بمزيج من الدهشة والخۏف والفزع وهى تفتح الباب لتجد آدم ماثلا أمامها .. هتفت بصوت مضطرب
آدم ! .. عايز ايه
لم تنتظر ردا بل حاولت غلق الباب لكنه وضع قدمه يمنعها من غلقه .. جرت فى اتجاه الهاتف تنوى الإتصال بالأمن الموجود أسفل العمارة .. لكن آدم دفع الباب ودخل وجذب الهاتف من يدها وهو يقول
استنى يا بوسى متخفيش
أخذت تتراجع الى الوراء وهى تنظر اليه بفزع قائله
اطلع بره يا إما هصوت وألم عليك العمارة
مدت لها آدم يده بذلك المغلف الكبير الذى كان يحمله .. والذى لم تنتبه اليه منذ البداية .. قال بهدوء
خدى يا بوسى
نظرت الى المغلف بشك ثم رفعت عينها تنظر اليه قائله وهى مازالت تشعر بالخۏف
ايه ده
أخذ نفسا عميقا ثم قال بحزم
دى الفلوس اللى شاركتيني بيها فى العربية والفلوس اللى خدتها منك وقولتلك انى هرجعهالك والفلوس اللى خدتها وما قولتش انى هرجعهالك
تحولت نظرات الخۏف الى نظرات الدهشة فى عينيها فأكمل قائلا
انا معرفتش أحسن المبلغ بالظبط .. بس أنا مملكش غير العربية ولسه بايعها حالا .. هى طبعا اتباعت بخسارة .. ودى كل الفلوس اللى استلمتها من صاحب الأجنس اللى اشتراها .. خديهم عديهم وشوفى يكفوا انك تسامحيني وتنسى الدين اللى عليا ليكي ولا لأ
ازداد اتساع عينيها دهشة وهى تشعر بأنها ترى آدم آخر غير الذى تعرفه .. وقفت جامدة لا تتحرك .. فقال آدم وهو ينظر الى يده الممدودة بالمغلف
خدى يا بوسى .. عديهم وشوفى يكفوا ولا لأ
أخذت منه المغلف بتردد .. نظرت الى المال بداخله دون أن تقوم بعده ولكنها شعرت بأن المبلغ كبير .. يكفى ويفيض .. نظرت اليه وقالت
أنا حسه ان ده أكتر من الفلوس اللى خدتها منى ومن الفلوس اللى شاركتك بيها فى العربة
تنهد آدم بإرتاح وقال
طب الحمد لله .. كنت خاېف ميقضوش
ثم قال بأسى
متنسيش انى كنت عايش هنا وانتى بتصرفى على البيت أكل وشرب وغيره .. يعني لو جينا حسبناها بالظبط هلاقى نفسى مديون ليكي .. بس أهم حاجة انك تسامحيني .. على كل اساءه منى .. وعلى كل غلطة عملتها فى حقك .. من أول علاقتنا اللى كانت كلها غلط فى غلط
نظرت اليه بوسى مبتسمه وهى تقول
طبعا مسامحاك يا آدم .. انت عارف انى مبعرفش أزعل منك أبدا
تركت المغلف من يدها على الطاولة .. وتوجهت الى باب البيت تغلقه .. ثم عادت تتهادى فى خطواتها .. وقفت أمامحشنى اوى
أيوة يا حبيبى
أزاح يديها مرة أخرى وهو يقول
استغفرى ربنا يا بوسى .. حياتك كلها غلط .. لو متى دلوقتى عارفه مصيرك ايه .. استغفرى ربنا ما تلاقى نفسك جوه القپر وبتندمى على كل ذنوبك الصغير الكبير
توجه الى باب البيت فتحه وخرج !
لأول مرة منذ سنوات يركب آدم المواصلات العامة .. كان قد نسى تلك المعاناة الشاقة التى تذكره بأيام ثانوى وبالجامعة حينما كان يتزاحم وسط الركاب ليستطيع أن يجد مكانا يقف فيه .. يعد الدقائق التى تفصله عن مكان نزوله فينزل بنفس الصعوبة التى صعد بها !
كان المنظر يبدو غريبا .. رجلا وسيما يرتدى حل أنيقة للغاية يرتاد المواصلات العامة ! .. كان معه ما يكفى ليركب أحد سيارات الأجرة .. لكنه لم
يستطع مقاومة اڠراء ركوب الحافلة .. تذكر آدم ذو الثامنة عشرة ربيعا والذى كان يرتاد تلك الحافلة يوميا للذهاب الى جامعته ..
نزل ليركب احد الأتوبيسات المتوجهة الى العين الساخنة .. دخل القرية مفرود الصدر .. ممشوق القامة .. يشعر بأنه انتصر أخيرا على تلك النفس الأمارة بالسوء .. والتى تحدث عنها كريم فى خطبته .. نعم استطاع مقاومتها .. !
فى اليوم التالى شعر الجميع بتغيير فى اسلوب آدم الذى اتسم بمرح لم يألفوه من .. كان يعمل بمزيج من الثقة بالنفس والتفاؤل .. وكأنه ملك الدنيا بأسرها .. انعكست نفسيته على عمله فأبدع ! .. سعد زياد بهذا التغيير الذى آلم بصديقه .. سأله فجأة
انت فين عربيتك
ابتسم آدم قائلا
بعتها
نظر اليه زياد بدهشة وقال
بعتها ليه .. هتغيرها
قال آدم بهدوء
لأ .. بعتها واديت فلوسها ل بوسى .. عشان أرد الدين اللى كان فى رقبتى ليها
نظر اليه زياد بإعجاب وربت على كتفه قائلا
متزعلش ربنا يعوضك غيرها ان شاء الله
ضحك آدم قائلا
أنا مش زعلان على فكرة .. بالعكس .. عارف لما تحس انك كان فى حاجة مقيداك وفجأة اتحررت منها .. أهو أنا ده احساسى دلوقتى .. ياريتنى كنت عملت كده من زمان .. لى كنت هعرف انى هرتاح كده كنت بعتها من زمان ورجعتلها فلوسها
فى تلك اللحظة توجهت سمر الى العيادة .. لمحها زياد وهى تدخل المبنى .. فقال وهو يغدو مسرعا
سلام دلوقتى يا آدم
رآى زياد أحد الأطفال يلعب بالكره مع أصدقائه فى الحديقة أمام العيادة .. جذب الطفل الذى كان يجرى من ملابسه و ركع على ركبيته وهو ينظر اليه متفحصا وهو يقول
ايه ده يا ابنى انت وشك أصفر كده ليه
قال الطفل بحيرة
مش عارف يا عمو
جذبه زياد من يده وقال بمرح وقد لمعت عيناه بخبث
طيب تعالى نروح للدكتورة وهى تقولنا وشك أصفر ليه
فوجئت سمر ب زياد يدخل غرفة الفحس برفقة أحد الأطفال .. ابتسمت للطفل فبادلها ابتسامتها .. قال زياد بمرح
معلش يا دكتورة كشف مستعجل
نظرت اليه سمر قائله بجدية
اتفضل .. ايه مشكلته
قال زياد بلؤم
معرفش يا دكتورة بس وشه أصفر ومش طبيعى خالص
قامت سمر من مكانها تتابعها نظرات زياد الخبيثه .. حملت الطفل واجلسته على الفحص وبدأت فى الكشف عليه .. ثم قالت
لا مفيهوش حاجة .. هكتبله على شوية فيتامينات وياريت تهتم بأكله كويس
قال زياد على الفور
لا أنا مش متجوز أصلا .. الواد ده مش ابنى
نظرت اليه بدهشة فرأت المرح فى عينيه .. أشاحت بوجهها وتوجهت الى مكتبها مرة أخرى ودونت بعض الكلمات فوق الروشته ثم أعطتها له .. أخذ زياد الورقة منها وهو يشكرها قائلا
متشكرين أوى
متابعة القراءة